أشعار رمضان

أشعار احتفالاً بشهر رمضان

قال الشاعر الأندلسي ابن الصباغ الجذامي، احتفالاً بمقدم هلال رمضان:
هَذَا هِلالُ الصَّوْمِ مِنْ رَمَضَانِ         بِالأُفْقِ بَانَ فَلا تَكُنْ بِالوَانِي
وَافَاكَ ضَيْفًا فَالتَزِمْ تَعْظِيمَهُ          وَاجْعَلْ قِرَاهُ قِرَاءَةَ القُرْآنِ
صُمْهُ وَصُنْهُ وَاغْتَنِمْ أَيَّامَهُ    وَاجْبُرْ ذِمَا الضُّعَفَاءِ بِالإِحْسَانِ


ويقول الأديب الراحل مصطفى الصادق الرافعي:
فديتُكَ زائراً في كلِّ عامٍ          تحيا بالسّلامةِ والسلامِ
وتُقبِلُ كالغمامِ يفيضُ حيناً        ويبقَ بعدَهُ أثرُ الغَمامِ
وكم في الناسِ من دَنِفٍ مَشوقٍ     إليكَ وكمْ شجيِّ مُستهامِ
رمزتُ لهُ بألحاظِ الليالي           وقد عيَّ الزمانُ عنِ الكلامِ
فظلَّ يعدُّ يومًا بعدَ يومٍ            كما اعتادوا لأيَّامِ السِّقامِ
ومدَّ لهُ رواقُ الليلِ ظِلًّا           ترفُّ عليهِ أجنحَةُ الظلامِ
فباتَ وملءَ عينيهِ منامٌ            لتنْفُضَ عنهُما كَسَلَ المَنامِ
ولم أرَ قبلَ حبَّكِ من حبيبٍ     كفى العُشاقَ لوعاتِ الغرامِ
فلو تدرِ العوالمُ ما درينا             لحنّتْ للصلاةِ وللصيامِ
بَنِي الإسلامِ هذا خيرُ ضيفٍ  إذا غَشَيَ الكرِيمُ ذرى الكِرامِ
يلُمّكُمْ على خيرِ السجايا    ويجمعكُم على الهِمَمِ العِظامِ
فشُدُّوا فيهِ أيديكُم بعزمٍ          كما شدَّ الكَمِيُّ على الحُسَامِ
وقوموا في لياليهِ الغوالي          فما عاجتْ عليكُم للمُقامِ
وكم نفرٍ تغرهمُ الليالي          وما خُلقوا ولا هيَ للدَوامِ
وخلوا عادةَ السفهاءِ عنْكم        فتِلكَ عوائدُ القَومِ اللئامِ
يُحِلُّونَ الحَرَامَ إذا ما أرَادوا          وقد بَانَ الحلالُ منَ الحرامِ
وما كلُّ الأنامِ ذوي عُقولٍ              إذا عدَّوا البَهائِمَ في الأَنامِ
ومن روتْهُ مرضَعةُ المعاصي          فقد جاءَتهُ أيَّامُ الفِطامِ


وأنشد الشاعر خليل مطران في الفرح بقدوم الشهر المكرم مبشرًّا أهل الجود والكرم فقال:
رَمَضَانَ أَقْبَلَ فَأْهْنِئ          يَا خَيْرَ رَبَّاتِ الحِجَالِ
سَاعَاتُهُ وَنَدَى يَدَيْكِ          مُسَلْسَلاَتٌ بِاتصَالِ
كَمْ مِنَّةٍ فِيهِ كَفِلْتِ بِهَا          الضَّعافَ مِنَ العِيَالِ
كَمْ أَعْتَقَتْ نُعْماكِ مِنْ          رَقِّ الهَوَانِ رَقِيقَ حَالِ
كَمْ سَاهِرٍ يَدْعُو لَكِ          الرِّحْمَنَ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي
دُومِي رَعَاك اللهُ فِي          بَحْبُوحَةٍ وَصَفَاءِ بَالِ


وفي الحذر من ضياع الثواب يقول الشاعر أبو بكر عطية الأندلسي:
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّمْعِ مِنِّي تَصَامُمٌ وَفِي مُقْلَتِي غَضٌّ، وَفِي مَنْطِقِي صَمْتُ
فَحَظِّي إِذًا مِنْ صَوْمِيَ الجُوعُ وَالظَّمَا وَإِنْ قُلْتُ: إِنِّي صُمْتُ يَوْمًا فَمَا صُمْتُ
وفي نفس المعني جاء قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
يَا مُدِيمَ الصَّوْمِ فِي الشَّهْرِ الكَرِيمِ صُمْ عَنِ الغِيبَةِ يَوْمًا وَالنَّمِيمِ


وقيل في حسن العمل في شهر رمضان:
قل لأهل الذُّنُوب والآثام ... قابلوا بالمتَابِ شهرَ الصّيامِ
إِنَّه فِي الشُّهُور شهرٌ جليلٌ ... وَاجِبٌ حَقّه وَكِيدُ الزِّمَامِ
واقلُّوا الْكَلَامَ فِيهِ نَهَارًا ... واقطعُوا ليلَه بطولِ الْقيامِ
واطلبوا الْعَفو مِن إِلَهٍ عَظِيمٍ ... لَيْسَ يخفى عَلَيْهِ فعلُ الْأَنَامِ
كم لَهُ فِيهِ من إزَاحَةِ ذَنْبٍ ... وخطايا مِن الذُّنُوبِ عِظَامِ
كم لَهُ فِيهِ من أيادٍ حسانٍ ... عِنْد عبدٍ يرَاهُ تَحت الظّلامِ
كم لَهُ فِيهِ من عَتيقٍ شَهِيدٍ ... آمنَ فِي الْقيامِ خِزيَ الْمقَامِ
إِن دَعَاهُ مُذَلّلٌ بخضوعٍ ... وخشوعٍ ودمْعُهُ ذُو سجامِ
أَيْن من يحذَرُ الْعَذَابَ ويخشَى ... أَن يُصَلِّي الْجَحِيمَ مأوى اللئَامِ
أَيْن من يَشْتَهِي الْتِذَاذًا بحُورٍ ... فِي جنانِ الخلودِ بَين الْخيامِ
التَمِس فِيهِ لَيْلَة الْقدرِ واترُك ... التماسًا لَهَا لذيذَ الْمَنَامِ
واجتهد فِي عبَادَة الله واسألْ ... فَضلَه عِنْد غَفلَة النوَّامِ
يَا لَهَا خيبة لمن خَابَ فِيهِ ... عَن بُلُوغ المنى بدارِ السَّلَامِ
يَا لَهَا حسرة لمن كَانَ فِيهِ ... ساترًا شَرّه بِثَوْب الظلامِ
يَا إِلَه الْجَمِيع أَنْت بحالي ... عَالمٌ فاهدِني سَبِيلَ القوامِ
وأَمِتْنِي على اعْتِقَادٍ جميلٍ ... وَاتِّبَاعٍ لملةِ الْإِسْلَامِ


وفي وصف أصحاب الهمم العالية ذكر العلامة ابن الجوزي في كتابه "بستان الواعظين" قول الشاعر:
أَيْن أهلُ الْقيام لله دأْبًا ... بذلوا الْجهدَ فِي رضَا الْجَبَّار
أَنْتُم الْآن فِي لَيَالٍ عِظَامٍ ... قدرهَا زَائِدٌ على الأقدارِ
فاستزيدوا من الْعِبَادَة فِيهَا ... تأمنوا الْيَوْمَ من عَذَابِ النَّارِ
أَيْن مَن يركبُ الذُّنُوبَ اغْتِرَارًا ... لَا يخَافُونَ سطوةَ القهَّارِ
قد أهلَّ الْهلَالُ من رَمَضَانَ ... شهرُ زُلفَى وتوبةٍ وادكَّارِ
فاذكروا الله فِيهِ ذكرًا كثيرًا ... واستجيرُوه مِن عَذَابِ النَّارِ
وَارْجِعُوا عَن ذُنُوبكم بمتابٍ ... صَادِقٍ واقلعوا عَن الْإِصْرَارِ
رُبّ مَن كَانَ مُسْرِفًا مستمرًا ... فِي خطاياه مُكثِرَ الأَوزارِ
ثمَّ إِنّ الْإِلَه تَابَ عَلَيْهِ ... فَاقْتضى حَمدَهُ سَبِيل الْخِيَارِ
فاعملوا أَيهَا المسِيئُونَ وَادعُوا ... ربكُم جهرةً وَفِي الْإِسْرَارِ
واحذَرُوا غَفلَة الْقنُوطِ ودَاوُوا ... داءَها بِالرُّجُوعِ للغفَّارِ
تَجدوا الله فِي الْمعَاد كَرِيمًا ... ماحيًا للذنوبِ والإصرارِ


يقول الغشري في وداع الشهر الكريم:
خيرُ الوداعِ لشهرِنا رمضان          هل بَعْد بَيْنِك كانَ مِن سُلْوانِ
خيرُ الوداع عليكَ يا شهرَ الهُدَى     لم يَبقَ مِن ذنبٍ ولا عِصْيانِ
فعلَى فِرَاقكَ سالَ دمعُ عيونِنَا          فوق الخُدُودِ كهاطلٍ هَتَّانِ
فهو المفصَّلُ والمعظَّمُ قدرُ هُ خيرُ الشهورِ وسيِّدُ الأزمانِ
فيه يضاعَفُ كلّ فعلٍ صَالحٍ  وتضاعَفُ البركاتُ للإنسانِ
ولِليْلَةِ القَدْرِ المعظَّم قَدْرُهَا          فيه تَدُورُ بقدْرَةِ الرّحمَنِ
والروحُ ينزلُ والملائكُ جملةً          فيها بإذنِ الواحدِ المنَّانِ


وقال الصيرفي في وداع رمضان واستقبال العيد:
شَهرُ الصِيامِ بِشُكرِ أَنعُمِكَ انقَضى          وَالعودُ أَحمَدُ وَالهَنا يَتَجَدَّدُ
وَالعيدُ أَقبَلَ ضاحِكاً مُستَبشِراً          بِعَظيمِ إِقبالٍ إِلَيكَ يُواعِدُ
وَانظُر تَلى الإِقبالَ في تاريخِهِ          بِالخَيرِ عيدُكَ راسِمًا يا أَحمَدُ
فَارقُب مَواسِمَ كُلَّها خَيرِيَّةٌ          تَزهو بِسَعدِكَ وَالمُهَيمِنُ يَسعَدُ

مشاركة المحتوى